(٧٧) - فَكَانَتْ عَاقِبَةُ ذَلِكَ البُخْلِ وَالتَّوَلِي بَعْدَ العَهْدِ وَالْمِيثَاقِ أَنْ تَمَكَّنَ النِّفَاقُ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَلاَزَمَهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لأَنَّهُمْ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ مَعْ هَذَا النِّفَاقِ فِي التَّوْبَةِ، وَذَلِكَ لِتَمَكُّنِ صِفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ النِّفَاقِ فِي قُلُوبِهِمْ وَهُمَا: الكَذِبَ فِي اليَمِينِ، وَإِخْلاَفُ الْعَهْدِ.
(وَيُرْوَى فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ حَاطِبٍ الأَنْصَارِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: اُدْعُ اللهَ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي مَالاً. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ: وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ لاَ تُطْيقُهُ. قَالَ ثَعْلَبَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَئِنْ دَعَوْتَ اللهَ فَرَزَقَنِي مَالاً لأُعْطِيَنَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: (الَّلهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالاً).
فَاتَّخَذَ ثَعْلَبَةُ غَنَماً فَنَمَتْ فَضَاقَتْ عَلَيْهَا المَدِينَةُ، فَتَنَحَّى عَنْهَا، فَنَزَلَ وَادِياً مِنْ أَوْدِيَتِهَا حَتَّى جَعَلَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمَاعَةً، وَيَتْرُكُ مَا سِوَاهُمَا. ثُمَّ نَمَتْ فَكَثُرَتْ فَتَنَحَّى حَتَّى تَرَكَ الصَّلَوَاتِ إلاَّ الجُمْعَةَ، ثُمَّ تَرَكَ الجُمْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَرَّةً عَنْ ثَعْلَبَةَ فَأَخْبَرُوهُ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ: " يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ ".


الصفحة التالية
Icon