﴿يُقَاتَلُونَ﴾
(٣٩) - هَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الجِهَادِ، وَقَدْ نَزلَتْ بَعْدَ خُروجِ النًَّبِيِّ عليهِ السَّلاَمُ وَأَصْحَابِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ. يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ المُشْرِكِينَ قَدْ ظَلَمُوا المُسْلِمينَ فِي مَكَّةَ، وأَخْرَجُوهُم مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرٍ حَقٍّ، وَلاَ ذَنْبَ لَهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ آمَنُوا بالله، وَقَالُوا: رَبُّنَا اللهُ. وَلِذَلِكَ أَذِنَ اللهُ تَعَالَى للمُسْلِمِينَ فِي قِتَالِ المُشْرِكِينَ، دَفْعً لأَذَاهُم، وإِضْعَافاً لِشَوْكَتِهِم، وتَشْجِيعاً لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الإِسْلاَمِ عَلَى الالْتِحَاقِ بِالمُسْلِمِينَ لِيَكُونُوا قُوَّةً تُدَافِعُ عَنْ نَفْسِها، وَتُرِهِبُ أعْدَاءَهَا الكفَّارَ، وإِنَّ اللهَ قَادِرٌ وَحْدَهُ عَلَى نَصْرِ المُسْلِمِينَ دُونَ عَوْنٍ مِنْهَمْ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يُريدُ مِنَ المُؤْمِنيِنَ أَنْ يَبْذُلُوا جُهْدَهُم فِي طَاعَةِ رَبِّهِم، وأَن يَقُومُوا بِواجِبِهِم فِي الدِّفَاعِ عَنْ أًَنْفِسِهِم وَدِينِهِِ.