﴿لآبَآئِهِمْ﴾ ﴿آبَاءَهُمْ﴾ ﴿فَإِخوَانُكُمْ﴾ ﴿مَوَالِيكُمْ﴾
(٥) - يَنْسَخُ اللهُ تَعالى في هذهِ الآيةِ حُكْم التَّبَنِّي الذِيْ كَانَ مَعْمُولاً بهِ في الجاهليةِ، فقدْ كانَ التَّبَنِّي جَائزاً وظَلَّ حُكْمُ التَّبَنِّي سَارياً في ابْتِدَاءِ أَمْرِ الإِسْلامِ، فكانَ الرَّجُلُ يتبنَّى وَلَدَ غيرِهِ، فَيُصْبِحُ حُكْمُهُ حُكْمَ الوَلَدِ مِنَ الصُّلْبِ، في أمورِ النَّسَبِ والمِيراثِ... ولكنَّ اللهَ تَعَالى نَسَخَ حُكْمَ التَّبَنِّي في هذهِ الآيةِ. وأمَرَ المؤمنينَ بِرَدِّ نِسْبَةِ الأدْعِيَاءِ (الأَولادِ بالتَّبَنِّي) إلى آبائِهِمْ الحَقِيقِيِّينَ، لأنَّ هذَا هُوَ العَدْلُ والقِسْطُ والبِرُّ.
(فَعَلَيْهِمْ أَن يَقُولُوا زَيْدُ بنُ حَارِثَة لا زَيْدُ بنُ محمدٍ)، أمَّا إذا كَانَ الولدُ المُتَبَنَّى لا يُعرَفُ أبُوه لِيُنْسَبَ إليهِ، فَعَلى المؤمنينَ أنْ يَعُدُّوا هؤلاءِ الأدْعياءِ إخْوَاناً لَهُمْ في الدِّينِ - إنْ كَانُوا قَدْ دَخَلُوا في الإِسْلامِ - وأنْ يَعُدُّوهُمْ موالِيَهُمْ إن كانُوا مُحَرَّرِينَ (فيُقَالُ سَالِمُ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ).
وَلاَ حَرَجَ على المُؤْمِنِين فيما اخْطَؤُوا فيهِ من نِسْبَةِ بَعْضِ هؤُلاءِ الأَدْعياءِ إلى غَيْرِ آبَائِهِمْ، بَعْدَ اسْتِفْرَاغِ الجهْدِ في البَحْثِ والاسْتِقْصَاءِ، أو فيما يَسْبِقُهُمْ بهِ لِسَانُهُمْ، ولكنَّ الحَرَجَ والإِثمَ والمُؤاخَذَةَ تَقَعُ على منْ يَفْعَلُونَهُ مُتَعَمِّدينَ بهِ الباطِلَ، واللهُ غفورٌ لذَنْبِ مَنْ تَابَ أو أخْطَأ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وهو رحيمٌ بهِ فَلا يُعاقِبُهُ مِنْ بَعْدِ التًَّوْبَةِ.
أقْسَطُ - أَعْدَلُ.
مَوالِيكُمْ - أولياؤُكُمْ في الدِّينِ.