﴿عَالِمِ﴾ ﴿السماوات﴾ ﴿كِتَابٍ﴾
(٣) - بَعْدَ أًَنْ أَبَانَ اللهُ تَعَالى أَنَّهُ صَاحِبُ الحَمْدِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَفِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ عَلَى مَا أَسْدَى إِلى عِبَادِهِ مِنَ النِّعَم، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَولِهِ إِنَّ كَثيراً مِنْ خَلْقِهِ يُنْكِرِ الآخِرَةَ، وَيَسْتَهزِئُ بِمَنْ يَعْتَقِدُ بِوُقُوعِها، وَيَسْتَعجِلُ بِالعَذَابِ الذِي يَتَهَدَّدُ اللهُ بهِ المُجْرِمينَ الكَافِرينَ، فَيقُولُ تَعَالى: وَقَال الذِينَ كَفَروا بِاللهِ وَنِعَمِهِ عَلَيهِمْ، وَجَحَدُوا بِما تَهْدِي إِليهِ العُقُولُ السَّلِيمَةُ: إِنَّهُ لاَ رَجْعَةَ إِلى الحَيَاةِ بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ البَشَرُ، وَلاَ بَعْثَ وَلاَ حِسَابَ وَلاَ عِقَابَ، وَمَا يُهْلِكُهُمْ إِلاَّ الدَّهْرُ.. ثُمَّ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ ﷺ بِأَنْ يَرُدَّ عَلَيهِمْ مُقْسِماً بِرَبِّهِ العَظِيمِ عَلَى أَنَّ المَعَادَ سَيَقَعُ، لا مَحَالَةَ، وَلاَ شَكَّ في ذلِكَ، وَلكِنَّ وَقْتَ مَجِيءِ السَّاعَةِ التِي تَقُومُ فِيهَا القِيَامَةُ، وَيَبْعَثُ فِيها اللهُ الخَلائِقِ، لاَ يَعْلَمُهُ إلاّ اللهُ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، الذِي لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيءٌ دَخَل فِي الأَرْضِ، أَوْ صَعِدَ فِي السَّمَاءِ، فَهُوَ تَعَالى يَعْلَمُ مَا يَتَفَرَّقُ مِنْ ذَرّاتِ أَجْسَادِ الأَموَاتِ وأَيْنَ تَسْتَقِرُّ فَيَجْمَعُها يَومَ القِيَامَةِ بأَمرٍ مِنْهُ فَيُعِيدُها خَلْقاً جَدِيداً كَمَا كَانَتْ، وَقَدْ أوْدَعَ اللهُ تَعَالى كُلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ وَلا يَنْسَى.
وَهذِهِ الآيَةُ إِحْدَى ثَلاثِ آياتٍ فِي القُرآنِ، أَمرَ اللهُ فِيها الرَّسُولَ الأكرمَ بِأَنْ يُقَسِمَ بِرَبِّهِ العَظِيمِ عَلَى أَنَّ السَّاعَةَ سَتَقُومُ، وَأَنَّ الأَمواتَ سَيُبْعَثُونَ لِلْحِسَابِ.
الآيَةُ الأولَى جَاءَت فِي سُورَةِ يُونُس: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وربي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ وَالآيَةُ الثَّانيَةُ جَاءَتْ فِي سُورَةِ التَّغَابُنِ: ﴿زَعَمَ الذين كفروا أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ.﴾ والثَّالثَةُ هذهِ الآيَةُ.
لا يَعْزُبُ - لاَ يَغِيبُ عَنْهُ وَلاَ يَخْفَى عَلَيهِ.
مِثْقَالُ ذَرَّةٍ - مِقْدَارُ أَصْغَرِ مَا يُوزَنُ.