القعقاع (١) أحد أعيان التابعين، وغيرهم من الأئمة الأعلام، والجهابذة العظام، فكان أحدهم آخذًا بزمام التحقيق والتدقيق وتضرب إليه أكباد الإبل من كل مكان سحيق:

أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيرُ المَجَامِعُ (٢)
وما حكاه ابن برهان (٣) عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة (٤): من أن تسمية الوقوف بالتام والحسن والقبيح بدعة، ومتعمد الوقف على ذلك مبتدع؛ قال: لأن القرآن معجز وهو كالقطعة
(١) أحد القرّاء العشرة، تابعي مشهور كبير القدر، عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنهم، روى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم وسليمان بن مسلم بن جماز وعيسى بن وردان وإسماعيل ويعقوب ابناه وميمونة بنته (ت١٣٠هـ). انظر: طبقات ابن سعد (٦/ ٣٥٢)، التاريخ الكبير (٨/ ٣٥٣، ٣٥٤)، تاريخ الإسلام (٥/ ١٨٨)، طبقات القراء (٢/ ٣٨٢).
(٢) البيت من بحر الطويل، وقائله الفرزدق، من قصيدة يقول في مطلعها:
مِنّا الَّذي اِختيرَ الرِجالَ سَماحَةً وَخَيرًا إِذا هَبَّ الرِياحُ الزَعازِعُ
الفَرَزدَق (٣٨ - ١١٠هـ/٦٥٨ - ٧٢٨م) همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، شاعر من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة، يشبه بزهير بن أبي سلمى وكلاهما من شعراء الطبقة الأولى، زهير في الجاهليين، والفرزدق في الإسلاميين، وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر، كان شريفًا في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه، لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه، وتوفي في بادية البصرة، وقد قارب المائة.-الموسوعة الشعرية
(٣) ابن برهان (٤٧٩ - ٥١٨ هـ = ١٠٨٧ - ١١٢٤ م) أحمد بن علي بن برهان، أبو الفتح: فقيه بغدادي، غلب عليه علم الأصول، كان يضرب به المثل في حل الإشكال، من تصانيفه: البسيط، والوسيط، والوجيز -في الفقه والأصول، وكان يقول: إن العامي لا يلزمه التقيد بمذهب معين، ودرَّس بالنظامية شهرًا واحدًا وعُزل، ثم تولاها ثانيًا يومًا واحدًا وعُزل أيضًا، مولده ووفاته ببغداد. انظر: الأعلام (١/ ١٧٣).
(٤) أبو يوسف (١١٣ - ١٨٢ هـ = ٧٣١ - ٧٩٨ م) يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، أبو يوسف: صاحب الإمام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه، كان فقيهًا علامة، من حفاظ الحديث، ولد بالكوفة، وتفقه بالحديث والرواية، ثم لزم أبا حنيفة، فغلب عليه "الرأي" وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد، ومات في خلافته، ببغداد، وهو على القضاء، وهو أوّل من دعي "قاضي القضاة"، ويقال له: قاضي قضاة الدنيا! وأوّل من وضع الكتب في أصول الفقه، على مذهب أبي حنيفة، وكان واسع العلم بالتفسير والمغازي وأيام العرب، من كتبه: الخراج، والآثار -وهو مسند أبي حنيفة، والنوادر، واختلاف الأمصار، وأدب القاضي، والأمالي في الفقه، والرد على مالك ابن أنس، والفرائض، والوصايا، والوكالة، والبيوع، والصيد والذبائح، والغصب والاستبراء، والجوامع -في أربعين فصلا، ألفه ليحيى بن خالد البرمكي، ذكر فيه اختلاف الناس والرأي المأخوذ به. انظر: الأعلام للزركلي (٨/ ١٩٣).


الصفحة التالية
Icon