﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)﴾ [٢] قرآنًا، قيل: لم يثبتها الشافعي قرآنًا مثل ما أثبت غيرها، بل أثبتها حكمًا وعملًا لأدلة اقتضت ذلك عنده، ومعنى حكمًا: أنَّ الصلاة لا تصح إلَّا بها فهي آية حكمًا لا قطعًا. واختلف هل ثبوت البسملة قرآنًا بالقطع أو بالظن؟ الأصح أن ثبوتها بالظن؛ حتى يكفي فيها أخبار الآحاد وتعلق الأحكام مظنون، ولا يحكم بكونها قرآنًا إلَّا بالنقل المتواتر قطعًا ويقينًا، بل ولا نكفِّر بيقيني لم يصحبه تواتر، ولما لم ينقلوا إلينا كون البسملة قرآنًا، كما نقلوا غيرها ولا ظهر ذلك منهم، كما ظهر في غيرها من الآي وجب القطع بأنها ليست من الفاتحة، ولم يقل أحد من السلف أنَّ البسملة آية من كل سورة إلَّا الشافعي، وقد أثبتها نصف القراء السبعة، ونصفهم لم يثبتها، والمصحح للقسمة أنَّ لنافع راويين أثبتها أحدهما، والآخر لم يثبتها، وقوة الشبهة بين الفريقين منعت التكفير من الجانبين. اهـ
وفيها ثلاثة وعشرون وقفًا: أربعة تامة، وستة جائزة يحسن الوقف عليها، ولا يحسن الابتداء بما بعدها؛ لأنَّ التعلق فيها من جهة اللفظ، والوقف حسن؛ إذ الابتداء لا يكون إلَّا مستقلًّا بالمعنى المقصود، وثلاثة عشر يقبح الوقف عليها والابتداء بما بعدها؛ فالتامة أربعة: «البسملة»، و «الدين»، و «نستعين»، و «الضالين» على عد أهل الكوفة، وثلاثة على عد أهل المدينة والبصرة هو: «الدين»، و «نستعين»، و «الضالين»، ومن قوله: ﴿اهْدِنَا﴾ إلى آخرها سؤال من العبد لمولاه متصل بعضه ببعض فلا يقطع؛ لشدة تعلق بعضه ببعض.
والجائزة: «الحمد لله»، و «العالمين»، و «الرحيم»، و «إياك نعبد»، و «المستقيم»، و «أنعمت»، و «عليهم»؛ لكونه رأس آية، وإنما جاز الوقف عليها على وجه التسامح، ولا ينبغي الوقف على الأخير سواء نصب «غير» بدلًا، أو نعتًا، أو حالًا، أو على الاستثناء، قال أبو العلاء الهمداني: ومن قرأ (١): «غيرُ» بالرفع خبر مبتدأ محذوف حسن الابتداء به، وهي قراءة شاذة.