فأجاب بالنفي المقرون بالاستفهام بنعم، وهو قليل جدًّا مراعاة للمعنى؛ لأنه إيجاب، كأنه قال: الليل يجمعنا، قيل: هو ضرورة، وقيل: نُظِر إلى المعنى، وقيل: نعم ليست جوابًا لأليس، بل جوابًا لقوله: فذاك بنا تداني، والفقهاء سووا بينهما فيما لو قال شخص لآخر: أليس عندك عشرة، فقال الآخر: نعم، أو بلى -لزمه الإقرار بذلك على قول عند النحاة أن نعم كبلى، لكن اللزوم في بلى ظاهر، وأما نعم فإنما لزم بها الإقرار على عرف الناس لا على مقتضى اللغة؛ لأنها تقرر الكلام الذي قبلها مطلقًا نفيًا أو إثباتًا، وعليه قول ابن عباس، فالوقف تابع لمعناها، والتفصيل أبين فلا يفصل بين بلى وما بعدها من الشرط كما هنا، أو اتصل بها قسم نحو: «قالوا بلى وربنا» فلا يفصل بينها وبين الشيء الذي توجبه؛ لأنَّ الفصل ينقص معنى الإيجاب كما جزم بذلك العلامة السخاوي، وأبو العلاء الهمداني، وأبو محمد الحسن بن علي العماني بفتح العين المهملة وتشديد الميم نسبة إلى عمان مدينة بالبلقاء بالشأم دون دمشق، لا العماني بالضم والتخفيف نسبة إلى عمان قرية تحت البصرة، وبها جبل جمع الله الذوات عليه، وخاطبهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا أنك ربنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا سواك، كذا يستفاد من السمين، وغيره.
﴿أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [٨١] جائز.
﴿خَالِدُونَ (٨١)﴾ [٨١] تام.
﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [٨٢] جائز.
﴿هُمْ فِيهَا﴾ [٨٢] فيه وجهان؛ وذلك أن «أولئك» في الموضعين مبتدأ و «أصحاب» بعدهما خبر، و «هم فيها» خبر ثان، فهما خبران، وهذا يتوجه عليه سؤال؛ وذلك أنهم قالوا: الجملة إذا اتصلت بجملة أخرى فلا بد من واو العطف؛ لتعلق إحداهما بالأخرى، فالجواب: إن قوله: «أصحاب النار» خبر، و «هم فيها» خبر، فهما خبران عن شيء واحد، فاستغني عن إدخال حرف العطف بينهما نحو: الرمان حلو حامض، ففي قوله: «هم فيها» وجهان: الوقف على أنها جملة مستأنفة من مبتدأ وخبر بعد كل منهما، وليس وقفًا إن أعربت حالًا.
﴿خَالِدُونَ (٨٢)﴾ [٨٢] تام.
﴿إِلَّا اللَّهَ﴾ [٨٣] حسن، و «إحسانًا» مصدر في معنى الأمر، أي: وأحسنوا، أو استوصوا بالوالدين إحسانًا، وكذا يقال في «قولوا للناس حسنًا».
﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾ [٨٣] جائز، ووصله أولى؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله.