ورسمًا وضبطًا، وفهمًا واستنباطًا. فمن حيث قراءاته، اتجهت همم السلف من علماء الأمة إلى العناية بعلم تجويده وترتيله، رواية ودراية، فألَّفوا فيه التآليف البديعة، وصنفوا التصانيف المفيدة، مؤصِّلين أصوله، ومقعدِّين قواعده، فكثرت التآليف وانتشرت التصانيف، واختلفت أغراضهم بحسب الإيجاز والتطويل والتقليل.
ومن ثَم عزيزي القارئ الكريم أردنا أن نضع بين يديك هذا السِفر الجليل:
* منار الهدى في بيان الوقف والابتدا *
وموضوع هذا الكتاب إنما يتبين بمعالجته لظاهرة الوقف والإبتداء، وهوجانب مهم في أداء العبارة القرآنية، فهو يوضح كيف وأين يجب أن ينتهي القارئ لآي القرآن الكريم بما يتفق مع وجوه التفسير واستقامة المعنى وصحة اللغة وما تقتضيه علومها من نحوٍ وصرفٍ ولغةٍ، حتى يستتم القارئ الغرض كله من قراءته، فلا يخرج على وجه مناسب من التفسير والمعنى من جهة، ولا يخالف وجوه اللغة، وسبل أدائها التي تُعين على أداء ذلك التفسير والمعنى، وبهذا يتحقق الغرض الذي من أجله يقرأ القرآن؛ ألا وهو الفهم والإدراك.
أما مؤلفه! فإننا لم نعثر على ترجمة له، ويبدو أن هذه المشكلة قديمة، إذ عندما أرادت مطبعة البابي الحلبي عام (١٩٣٤م) أن تطبع هذا الكتاب نسبته إلى أبي الحسن نور الدين علي بن محمد الأُشموني المتوفى في أوائل القرن العاشر، والمعاصر للإمام السخاوي الذي ترجم له في كتابه: الضوء اللامع؛ وذلك لأنها لم تعثر على ترجمة لأحمد بن عبد الكريم الأشموني على ما يبدو.
وكل ما عثرت عليه هو ما ذكره عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين ٢/ ١٢١: أحمد الأشموني من علماء القرن الحادي عشر الهجري، الموافق للقرن السابع عشر الميلادي، أحمد ابن محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم الأشموني، الشافعي، فقيه، مقرئ، من تصانيفه: منار الهدى في بيان الوقف والابتداء، والقول المتين في بيان أمور الدين. اهـ
ولقد أخرجنا هذا الكتاب في ثوبٍ قشيبٍ فيه من الجدة ما يثلج الصدور، وهو عون للقاري المبتدي وتذكرة للمقري المنتهي، يُعين العقول على فهم هذا العلم الجليل، وإدراك مبهمة، وإيضاح ما استغلق منه، وكان منهجنا في هذا السِفر ما سنوضحه فيما يلي:
منهج العمل بكتابنا هذا:
١ - قمنا بنسخ الأصول المتوفرة لدينا على ما يوافق قواعد الإملاء الحديثة.
٢ - أثبتنا علامات الترقيم والأقواس حسب المتعارف عليه الآن.