أي: لا أرى الموت يسبقه شيء، فأظهر الهاء، وقول من قال: إنَّ «يحسبون» يتعدى لمفعولين، وأن «نسارع لهم» المفعول الثاني، والتقدير: أيحسبون أنّ إمدادنا لهم بالمال والبنين مسارعة منا لهم في الخيرات فغلط، ومخالفة لقول أبي حاتم إنَّ (أنّ) إذا وقعت بعد حسب وأخواتها لم تحتج إلى مفعول ثان، قال تعالى: «يحسب أنَّ ماله أخلده»، وهنا قد نابت (أنَّ) عن المفعولين، فأنَّ كافية عن اسم «يحسبون» وخبرها، فلا يؤتى بمفعول ثان بعد (أنَّ)، وقرأ (١): «إنَّما» بكسر الهمزة؛ على الاستئناف، وعليها فمفعولا (حسب) محذوفان اقتصارًا، أو اختصارًا، وقرأ (٢): «يُسَارِعُ» بالتحتية، أي: يسارع الله، أو يسارع لهم الذي يمدون به، وقرئ: «يسارع» بالتحتية مبنيًا للمفعول، وفي «الخيرات» نائب الفاعل، والجملة خبر (إنَّ)، والعائد محذوف، أي: يسارع لهم به، وقرئ (٣): «نُسْرِعُ لهم» بالنون؛ من أسرع والحذف اختصارًا ما كان لدليل، والحذف اقتصارًا ما كان لغير دليل، وهذا غاية في بيان هذا الوقف، ،، ولله الحمد
﴿فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [٥٦] كاف.
﴿بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦)﴾ [٥٦] تام، وهو إضراب عن الحسبان المستفهم عنه استفهام تقريع، ولا وقف من قوله: «إنَّ الذين هم من خشية ربهم» إلى «راجعون»؛ لأنَّ «أولئك يسارعون» خبر «إنَّ الذين هم من خشية ربهم» وما بينهما من رؤوس الآي جائز لطول الكلام، والنفس يضيق عن بلوغ التمام فلا يوقف على «مشفقون»، ولا على «يؤمنون»، ولا على «لا يشركون»، ولا على «راجعون»، لعطف الأسماء المنصوبة على اسم «إنَّ».
﴿سَابِقُونَ (٦١)﴾ [٦١] تام.
﴿إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [٦٢] حسن، ومثله: «ينطق بالحق».
﴿لَا يُظْلَمُونَ (٦٢)﴾ [٦٢] كاف.
﴿مِنْ هَذَا﴾ [٦٣] حسن، إن جعل الضمير في «ولهم أعمال» للكفار، وتام إن جعل كناية عن المؤمنين للفصل بين الكفار والمسلمين.

(١) وهي قراءة ابن وثاب، وهي شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (٦/ ٤٠٩).
(٢) وهي قراءة السلمي وعبد الرحمن بن أبي بكرة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (٢/ ٨٢)، البحر المحيط (٦/ ٤١٠)، تفسير القرطبي (١٢/ ١٣١)، الكشاف (٣/ ٣٥)، المحتسب لابن جني (٢/ ٩٤)، تفسير الرازي (٢٣/ ١٠٥).
(٣) وهي قراءة الحرّ النحوي، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (٢/ ٨٢)، البحر المحيط (٦/ ٤١٠)، تفسير القرطبي (١٢/ ١٣١)، المحتسب لابن جني (٢/ ٩٤).


الصفحة التالية
Icon