وفي قوله تعالى: ﴿وَباءُو بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ﴾ ثلاثة تأويلات: أحدها: وهو قول أبي العباس المَبِّرد: أن أصل ذلك: المنزلة، ومعناه أنهم نزلوا بمنزلة غضب الله، ورُوي: أن رجلاً جاء برجلٍ إلى النبيِّ ﷺ، فقال: هذا قاتل أخي، قال (فَهُوَ بَوَاءٌ بِهِ) أي أنه مقتول، فيصير في منزلته، وتقول ليلى الأخيليَّةُ:

(فَإِنْ يَكُنِ الْقَتْلَى بَوَاءً فَإِنَّكُمْ فَتىً مَا قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بْنِ عَامِرِ)
والثاني: وهو قول أبي إسحاق الزجّاج: أن أصل ذلك التسوية، ومعناه: أنهم تساووا بغضب من الله، ومنه ما يروى عن عبادة بن الصامت قال: (جعل الله الأنفال إلى نبيِّه ﷺ، فقسمها بينهم على بَوَاءٍ)، أي على سواء بينهم في القسم. والثالث: وهو قول الكسائي، أن معناه أنهم رجعوا بغضب من الله، قال: البواء: الرجوع، إلا أنه لا يكون رجوعاً إلا بشيء: إمَّا بشرٍّ، وإِمَّا بخيرٍ. وفي قوله تعالى: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ قولان: أحدهما: أن الله عز وجل؛ إنما جاز أن يُخَلِّيَ بين الكُفَّار وقتلِ الأنبياء، لينالوا من رفيع المنازل ما لا ينالونه بغيره، وليس ذلك بخذلان لهم، كما يفعل بالمؤمنين من أهل طاعته. والثاني: وهو قول الحسن، أن الله عز وجل، ما أمر نبيّاً بالحرب إلا نَصَرَهُ فلم يُقتَلْ، وإنما خلَّى بين الكفار وبين قتل مَنْ لم يؤمر بالقتال مِنَ الأنبياء. و (الأنبياء) جمعُ (نبيٍّ) وقد جاء في جمع (نبيٍّ): (نُبَّاء)، قال العباس ابن مرداس السُّلمي، يمدح النبيَّ صلى الله عليه وسلم:


الصفحة التالية
Icon