والثاني: عنفها حتى لا ترأف. وفي قوله تعالى: ﴿مِّنْ بَعْدِ ذلِكَ﴾ وجهان: أحدهما: من بعد إحياء الموتى، ويكون هذا الخطاب راجعاً إلى جماعتهم. والثاني: من بعد كلام القتيل، ويكون الخطاب راجعاً إلى بني أخيه. وقوله تعالى: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ يعني القلوب التي قست. واختلف العلماء في معنى ﴿أَوْ﴾ في هذا الموضع وأشباهه كقوله تعالى: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوسَين أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم: ٩] على خمسة أقاويل: أحدها: أنه إبهام على المخاطبين، وإن كان الله تعالى عالماً، أي ذلك هو، كما قال أبو الأسود الدؤلي:
(أحب محمداً حباً شديداً | وعباساً وحمزة أو علياً) |
(فإن يك حبهم رشدا أُصِبه | ولستُ بمخطئ إن كان غياً) |
ولا شَكَّ، أن أبا الأسود الدؤلي، لم يكن شاكّاً في حبِّهم، ولكن أَبْهَمَ على مَنْ خاطبه، وقد قِيل لأبي الأسود حين قال ذلك: شَكَكْتُ، فقال كلا، ثم استشهد بقوله تعالى:
﴿وَإِنَّا إِيَّاكُم لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤] وقال: أفكان شاكاً مَنْ أخبر بهذا؟ والثاني: أن
﴿أَوْ﴾ ها هنا بمعنى الواو، وتقديره فهو كالحجارة وأشد قسوة، ومثله قول جرير:
(جاءَ الخلافة أو كانت له قدرا | كما أتى ربَّه موسى على قَدَرِ) |
والثالث: أن
﴿أَوْ﴾ في هذا الموضع، بمعنى بل أشد قسوة، كما قال