ومنه قوله تعالى: ﴿مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنَّ﴾ [النساء: ١٥٧] قال النابغة:
(حلفت يميناً غير ذي مثنوية | ولا علم إلا حسن ظن بصاحب) |
﴿وَإِنْ هُم إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: يكذبون، قاله مجاهد. والثاني: يحدثون، قاله البصريون. قوله تعالى:
﴿فَوَيلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِم﴾ في الويل ستة أقاويل: أحدها: أنه العذاب، قاله ابن عباس. والثاني: أنه التقبيح، وهو قول الأصمعي. ومنه قوله تعالى:
﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١٨]. وقال الشاعر:
(كسا اللؤم سهما خضرة في جلودها | فويل لسهم من سرابيلها الخُضْرِ) |
والثالث: أنه الحزن، قاله المفضل. والرابع: أنه الخزي والهوان. والخامس: أن الويل وادٍ في جهنم، وهذا قول أبي سعيد الخدري. والسادس: أنه جبل في النار، وهو قول عثمان بن عفان.
﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِم﴾ أي يغيرون ما في الكتاب من نبوة محمد ﷺ ونعته. وفي قوله تعالى:
﴿بِأَيدِيهِم﴾ تأويلان: أحدهما: أنه أراد بذلك تحقيق الإضافة، وإن كانت الكتابة لا تكون إلا باليد، كقوله تعالى:
﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ﴾. والثاني: أن معنى
﴿بِأَيْدِيهِم﴾ أي من تلقاء أنفسهم، قاله ابن السراج.