أحدهما: نقصها بالجوائح المتلفة. والثاني: زيادة النفقة في الجدب. ﴿وَالأَنفُسِ﴾ يعني ونقص الأنفس بالقتل والموت. ﴿وَالثَّمَرَاتِ﴾ قلة النبات وارتفاع البركات. ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: وبشر الصابرين على الجهاد بالنصر. والثاني: وبشر الصابرين على الطاعة بالجزاء. والثالث: وبشر الصابرين على المصائب بالثواب، وهو أشبه لقوله من بعد: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ يعني: إذا أصابتهم مصيبة في نفس أو أهل أو مال قالوا: إنا لله: أي نفوسنا وأهلونا وأموالنا لله، لا يظلمنا فيما يصنعه بنا ﴿وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ يعني بالبعث في ثواب المحسن ومعاقبة المسيء. ثم قال تعالى في هؤلاء: ﴿أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ الصلاة اسم مشترك المعنى فهي من الله تعالى الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَأيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً﴾. وقال الشاعر:

(صلّى على يحيى وأشياعه رَبٌّ كريمٌ وشفيع مطاع)
قوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِّن رَّبِّهِمْ﴾ أي رحمة، وذكر ذلك بلفظ الجمع لأن بعضها يتلو بعضاً. ثم قال: ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ فأعادها مع اختلافها للفظين لأنه أوكد وأبلغ كما قال: ﴿مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى﴾. وفي قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ وجهان محتملان: أحدهما: المهتدون إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن. والثاني: المهتدون إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر.


الصفحة التالية
Icon