حيث لا يعلم، ويدبر النهار إلى حيث لا يعلم، فهذا اختلافهما. ثم قال: ﴿وَالْفُلْكِ الَّتي تَجْرِي في الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ﴾ الفلك: السفن، الواحدُ والجمع بلفظ واحد، وقد يذكر ويؤنث. والآية فيها: من وجهين: أحدهما: استقلالها لحملها. والثاني: بلوغها إلى مقصدها. ثم قال تعالى: ﴿وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ﴾ يعني به المطر المنزل منها، يأتي غالباً عند الحاجة، وينقطع عند الاستغناء عنه، وذلك من آياته. ثم قال تعالى: ﴿فَأَحْيَا الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ وإحياؤها بذلك قد يكون من وجهين: أحدهما: ما تجري به أنهارها وعيونها. والثاني: ما ينبت به من أشجارها وزروعها، وكلا هذين سبب لحياة الخلق من ناطق وبُهْم. ثم قال تعالى: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ﴾ يعني جميع الحيوان الذي أنشأه فيها، سماه (دابة) لدبيبه عليها، والآية فيها مع ظهور القدرة على إنشائها من ثلاثة أوجه: أحدها: تباين خلقها. والثاني: اختلاف معانيها. والثالث: إلهامها وجوه مصالحها. ثم قال تعالى: ﴿وَتَصْرِيفَ الرِّيَاحِ﴾ والآية فيها من وجهين: أحدهما: اختلاف هبوبها في انتقال الشمال جنوبها، والصبا دبوراً، فلا يعلم لانتقالها سبب، ولا لانصرافها جهة. والثاني: ما جعله في اختلافها من إنعام ينفع، وانتقام يؤذي. وقد روى سعيد بن جبير عن شريح قال: ما هاجت ريح قط إلا لسُقْمِ صحيح أو لشفاء سقيم والرياح جمع ريح وأصلها أرواح. وحكى أبو معاذ أنه كان في مصحف حفصة: ﴿وَتَصْرِيفِ الأرْوَاحِ﴾. وقال ابن عباس: سميت الريح لأنها تريح ساعة بعد ساعة. قال ذو الرمة:


الصفحة التالية
Icon