أحدهما: بالعدل الوسط الذي لا بخس فيه ولا شطط. والثاني: يعني بالمعروف من ماله دون المجهول. وقوله تعالى: ﴿حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ يعني بالتقوى من الورثة أن لا يسرف، والأقربين أن لا يبخل، قال ابن مسعود: الأجل فالأجل، يعني الأحوج فالأحوج. وغاية ما لا سرف فيه: الثلث، لقول النبي ﷺ (الثلث والثلث كثير). وروى الحسن أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وصّياً بالخمس وقالا يوصي بما رضي الله لنفسه، : بالخمس، وكان يقول: الخمس معروف، والربع جهد، والثلث غاية ما تجيزه القضاة. ثم قال تعالى: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ﴾ يعني فَمَنْ غَيَّرَ الوَصِيَّةَ بعدما سمعها، وإنما جُعِلَ اللفظ مذكراً وإن كانت الوصية مؤنثة لأنه أراد قول المُوصِي، وقوله مذكر. ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ أي يسمعونه ويَعْدِلون به عن مستحقه، إما ميلاً أو خيانة، وللميت أجر قصده وثواب وصيته، وإن غُيّرت بعده. قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلَيمٌ﴾ أي سميع لقول الموصِي، عليم بفعل الوصي. قوله عز وجل: ﴿فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَينَهُم﴾ اختلف المفسرون في تأويل ذلك، على خمسة أقاويل: أحدها: أن تأويله فمن حضر مريضاً، وهو يوصي عند إشرافه على الموت، فخاف أن يخطئ في وصيته، فيفعل ما ليس له أو أن يتعمد جَوْراً فيها، فيأمر بما ليس له، فلا حرج على من حضره فسمع ذلك منه، أن يصلح بينه وبين ورثته، بأن يأمره بالعدل في وصيته، وهذا قول مجاهد.