وفي قوله تعالى: ﴿قَرِيبٌ﴾ تأويلان: أحدهما: قريب الإجابة. والثاني: قريب من سماع الدعاء. وفي قوله تعالى: ﴿أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ﴾ تأويلان: أحدهما: معناه أسمع دعوة الداعي إذا دعاني، فعبر عن السماع بالإجابة، لأن السماع مقدمة الإجابة. والثاني: أنه أراد إجابة الداعي إلى ما سأل، ولا يخلو سؤال الداعي أن يكون موافقاً للمصلحة أو مخالفاً لها، فإن كان مخالفاً للمصلحة لم تجز الإجابة إليه، وإن كان موافقاً للمصلحة، فلا يخلو حال الداعي من أحد أمرين: إما أن يكون مستكملاً شروط الطلب أو مقصوراً فيها: فإن استكملها جازت إجابته، وفي وجوبها قولان: أحدهما: أنها واجبة لأنها تجري مجرى ثواب الأعمال، لأن الدعاء عبادة ثوابها الإجابة. والثاني: أنها غير واجبة لأنها رغبة وطلب، فصارت الإجابة إليها تفضلاً. وإن كان مقصوراً في شروط الطلب لم تجب إجابته، وفي جوازها قولان: أحدهما: لا تجوز، وهوقول من أوجبها مع استكمال شروطها. والثاني: تجوز، وهو قول من لم يوجبها مع استكمال شروطها. وفي قوله تعالى: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ أربعة تأويلات: أحدها: أن الإستجابة بمعنى الإجابة، يقال استجبت له بمعنى أجبته، وهذا قول أبي عبيدة، وأنشد قول كعب بن سعد الغنوي:
(وداعٍ دَعَا:

يا من يجيب إلي الندا فلم يستجبه عند ذلك مجيب)
أي فلم يجبه. والثاني: أن الإستجابة طلب الموافقة للإجابة، وهذا قول ثعلب.


الصفحة التالية
Icon