وفي قوله: ﴿أَن تَبَرُّواْ﴾ قولان: أحدهما: أن تبروا في أيمانكم. والثاني: أن تبروا في أرحامكم. ﴿وَتَتَقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ﴾ هو الإصلاح المعروف ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ سميع لأيمانكم، عليم باعتقادكم. قوله تعالى: ﴿لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالَّلغوِ فيِ أَيْمانِكُم﴾ أما اللغو في كلام العرب، فهو كل كلام كان مذموماً، وفضلا لا معنى له، فهو مأخوذ من قولهم لغا فلان في كلامه إذا قال قبحاً، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ﴾ [القصص: ٥٥]. فأما لغو اليمين التي لا يؤاخذ الله تعالى بها، ففيها سبعة تأويلات: أحدها: ما يسبق به اللسان من غير قصد كقوله: لا والله، وبلى والله، وهو قول عائشة، وابن عباس، وإليه ذهب الشافعي، روى عبد الله بن ميمون، عن عوف الأعرابي، عن الحسن بن أبي الحسن قال: مر رسول الله ﷺ بقوم ينضلون يعني يرمون، ومع النبي ﷺ رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم، فقال أصاب والله، أخطأت والله، فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله، فقال: (كَلاَّ أَيْمَانُ الرَُمَاةِ لَغُّوٌ وَلاَ كَفَّارَةَ وَلاَ عُقٌوبَةَ). والثاني: أن لغو اليمين، أن يحلف على الشيء يظن أنه كما حلف عليه، ثم يتبين أنه بخلافه، وهو قول أبي هريرة. والثالث: أن لغو اليمين أن يحلف بها صاحبها في حال الغضب على غير عقد قلب ولا عزم، ولكن صلة للكلام، وهو قول طاوس.