والثالث: تأويله وقت حلوله، قاله بعض المتأخرين. ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني الثابتين فيه، العاملين به. والثاني: يعني المستنبطين للعلم والعاملين، وفيهم وجهان: أحدهما: أنهم داخلون في الاستثناء، وتقديره: أن الذي يعلم تأويله الله والراسخون في العلم جميعاً. روى ابن أبي نجيح عن ابن عباس أنه قال: أنا ممن يعلم تأويله. الثاني: أنهم خارجون من الاستثناء، ويكون معنى الكلام: ما يعلم تأويله إلا الله وحده، ثم استأنف فقال: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾. ﴿يَقُولُونَءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: علم ذلك عند ربنا. والثاني: ما فصله من المحكم والمتشابه، فنزل من عند ربنا.
﴿إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب﴾ قوله عز وجل: ﴿كَدَأْبِءَالِ فِرْعَوْنَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن الدأب: العادة، (أي) كعادة آل فرعون والذين من قبلهم. والثاني: أن الدأب هنا الاجتهاد، مأخوذ من قولهم: دأبت في الأمر، إذا اجتهدت فيه. فإذا قيل إنه العادة ففيما أشار إليه من عادتهم وجهان: أحدهما: كعادتهم في التكذيب بالحق. والثاني: كعادتهم من عقابهم على ذنوبهم.


الصفحة التالية
Icon