والثاني: بظهور الحجة، إن قيل إنها عامة. وفي ﴿وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ قولان: أحدهما: بئس ما مهدوا لأنفسهم، قاله مجاهد. والثاني: معناه بئس القرار، قاله الحسن. وفي بئس وجهان: أحدهما: أنه مأخوذ من البأس، وهو الشدة. والثاني: أنه مأخوذ من البأساء وهو الشر. قوله عز وجل: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ يعني المؤمنين من أهل بدر. ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ يعني مشركي قريش. ﴿يَرَونَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ وفي مثليهم قولان: أحدهما: أنهم مثلان زائدان على العدد المُتَحَقِّق، فيصير العدد ثلاثة أمثال، قاله الفراء. والثاني: هو المزيد في الرؤية، قاله الزجاج. اختلفوا في المخاطب بهذه الرؤية على قولين: أحدهما: أنها الفئة المؤمنة التي تقاتل في سبيل الله، بأن أراهم الله مشركي قريش يوم بدر مثلي عدد أنفسهم، لأن عدة المسلمين كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وعدة المشركين في رواية عليٍّ وابن مسعود ألف، وفي رواية عروة، وقتادة، والربيع ما بين تسعمائة إلى ألف، فقلَّلهم الله في أعينهم تقوية لنفوسهم، قاله ابن مسعود، والحسن. والثاني: أن الفئة التي أراها الله ذلك هي الفئة الكافرة، أراهم الله المسلمين مثلي عددهم مكثراً لهم، لتضعف به قلوبهم. والآية في الفئتين هي تقليل الكثير في أعين المسلمين، وتكثير القليل في أعين المشركين، وما تقدم من الوعد بالغلبة، فتحقق، قتلاً، وأسراً، وسبياً.


الصفحة التالية
Icon