أحدها: يعني من أنصاري مع الله. والثاني: معناه من أنصاري في السبيل إلى الله، وهذا قول الحسن. والثالث: معناه من ينصرني إلى نصر الله. وواحد الأنصار نصير. ﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ: نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ﴾ اخْتُلِف في تسميتهم بالحواريين على ثلاثة أقاويل: أحدها: انهم سُمُّوا بذلك لبياض ثيابهم، وهذا قول سعيد بن جبير. والثاني: أنهم كانوا قَصَّارين يبيضون الثياب، وهذا قول ابن أبي نجيح. والثالث: أنهم خاصة الأنبياء، سموا بذلك لنقاء قلوبهم، وهذا قول قتادة، والضحاك. وأصل الحواري: الحَوَر وهو شدة البياض، ومنه الحواري من الطعام لشدة بياضه، والحَوَر نقاء بياض العين. واختلفوا في سبب استنصار المسيح بالحواريين على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه استنصر بهم طلباً للحماية من الكفار الذين أرادوا قتله حين أظهر دعوته، وهذا قول الحسن، ومجاهد. والثاني: أنه استنصر بهم ليتمكن من إقامة الحجة وإظهار الحق. والثالث: لتمييز المؤمن الموافق من الكافر المخالف. قوله تعالى: ﴿... فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ فيه قولان: أحدهما: يعني صِلْ ما بيننا وبينهم بالإخلاص على التقوى. والثاني: أثْبِتْ أسماءنا مع أسمائهم لننال ما نالوا من الكرامة. قوله تعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنهم مكروا بالمسيح عليه السلام بالحيلة عليه في قتله، ومكر الله في ردهم بالخيبة لإلقاء شبه المسيح على غيره، وهو قول السدي. والثاني: مكروا بإضمار الكفر، ومكر الله بمجازاتهم بالعقوبة، وإنما جاز قوله: ﴿وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ على مزواجة الكلام وإن خرج عن حكمه، نحو قوله: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤] وليس الثاني اعتداءً، وأصل المكر: الالتفاف، ولذلك سمي الشجر الملتف مكراً، والمكر هو الاحتيال على الإنسان لالتفاف المكروه به. والفرق بين المكر والحيلة أن الحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من غير قصد إلى الإضرار، والمكر: التوصل إلى إيقاع المكروه به.
{إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين وأما الذين