والثالث: شهيداً، وهو قول مجاهد. والرابع: حسيباً، وهو قول ابن الحجاج، ويحكى عن مجاهد أيضاً. والخامس: مجازياً، وأصل المقيت القوت، فَسُمِّي به المقتدر لأنه قادر على إعطاء القوت، ثم صار اسماً في كل مقتدر على كل شيءٍ من قوت غيره، كما قال الزبير ابن عبد المطلب:

(وذي ضَغَنٍ كَففْتُ النَّفْسَ عنه وكنتُ على مَسَاءَتِهِ مُقِيتاً)
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَا﴾ في المراد بالتحية ها هنا قولان: أحدهما: أنه الدعاء بطول الحياة. والثاني: السلام تطوع مستحب، ورده فرض، وفيه قولان: أحدهما: أن فرض رّدِّهِ عَامٌّ في المسلم والكافر، وهذا قول ابن عباس، وقتادة، وابن زيد. والثاني: أنه خاص في المسلمين دون الكافر، وهذا قول عطاء. وقوله تعالى: ﴿بِأَحْسَنَ مِنْهَآ﴾ يعني الزيادة في الدعاء. ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾ يعني بمثلها، وروى الحسن أن رجلاً سلَّم على رسول الله ﷺ فقال: السلام عليكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَعَلَيْكُمُ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَعَلَيْكُمُ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وًبَرَكاَتُهُ) ثم جاء آخر فقال: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال النبي صلى الله عليه وسلم:) وَعَلَيْكُم (فقيل: يا رسول الله رددت على الأول والثاني وقلت للثالث وعليكم، فقال:) إِنَّ الأَوَّلَ سَلّمَ وَأَبْقَى مِنَ التَّحِيَّةِ شَيئاً، فَرَدَدْتُ عَلَيهِ بِأَحْسَنَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، كَذَلِكَ الثَّانِي، وإنَّ الثَّالِثَ جَاءَ بِالتَّحِيَّةِ كُلِّهَا، فَرَدَدْتُ عَلَيهِ مِثْلَ ذَلِكَ (.


الصفحة التالية
Icon