ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا قوله تعالى: ﴿فما لكم في المنافقين فئتين﴾ اختلف فيمن نزلت هذه الآية بسببه على خمسة أقاويل: أحدها: أنها نزلت في الذين تخلفوا عن رسول الله ﷺ يوم أحد، وقالوا: لو نعلم قتالاً لاتبعناكم، وهذا قول زيد بن ثابت. والثاني: أنها نزلت في قوم قدموا المدينة فأظهروا الإسلام، ثم رجعوا إلى مكة فأظهروا الشرك، وهذا قول الحسن، ومجاهد. والثالث: أنها نزلت في قوم أظهروا الإسلام بمكة وكانوا يعينون المشركين على المسلمين، وهذا قول ابن عباس، وقتادة. والرابع: أنها نزلت في قوم من أهل المدينة أرادوا الخروج عنها نفاقاً، وهذا قول السدي. والخامس: أنها نزلت في قوم من أهل الإفك، وهذا قول ابن زيد. وفي قوله تعالى: ﴿والله أركسهم بما كسبوا﴾ خمسة تأويلات: أحدها: معناه ردهم، وهذا قول ابن عباس. والثاني: أوقعهم، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً. والثالث: أهلكهم، وهذا قول قتادة. والرابع: أضلهم، وهذا قول الزجاج. ﴿أتريدون أن تهدوا من أضل الله﴾ فيه قولان: أحدهما: أن تُسَمُّوهم بالهُدى وقد سمّاهم الله بالضلال عقوبة لهم. والثاني: تهدوهم إلى الثواب بمدحهم والله قد أضلهم بذمهم.