أحدهما: يعني الدار الآخرة. والثاني: يعني النشأة الآخرة وفي تسميتها بالدار الآخرة قولان: أحدهما: لتأخرها عن الدار الأولى. والثاني: لتأخرها عن الخلق، كما سميت الدنيا لدنِّوها من الخلق. وقوله: ﴿يُوقِنُونَ﴾ أي يعلمون، فسمي العلم يقيناً لوقوعه عن دليل صار به يقيناً.
﴿أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾ وقوله تعالى: ﴿أُولئِكَ على هُدىً مِنْ رَبِّهُمْ﴾ يعني بيان ورشد. ﴿وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنهم الفائزون السعداء، ومنه قول لبيد:

(لَوْ أَنَّ حَيّاً مُدْرِكُ الْفَلاَحِ أَدْرَكَهُ مُلاَعِبُ الرِّمَاحِ)
والثاني: المقطوع لهم بالخير، لأن الفلح في كلامهم القطع، وكذلك قيل للأكار فلاح، لأنه يشق الأرض، وقد قال الشاعر:
(لَقَدْ عَلِمتَ يا ابنَ أُمِّ صحصحْ أن الحديدَ بالحديدِ يُفلحْ)
واختلف فيمن أُرِيدَ بهم، على ثلاثة أوجه: أحدها: المؤمنون بالغيب من العرب، والمؤمنون بما أنزل على محمد، وعلى من قبله من سائر الأنبياء من غير العرب. والثاني: هم مؤمنو العرب وحدهم. والثالث: جميع المؤمنين.
﴿إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون﴾ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَروا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ وأصل الكفر عند العرب التغطية، ومنه قوله تعالى: ﴿أَعْجَبَ الكُفَّار نَبَاتُهُ﴾ يعني الزُّرَّاع لتغطيتهم البذر في الأرض، قال لبيد:


الصفحة التالية
Icon