وإذا كان خفيف النسيج، فسمَّي خفةُ الحلم سفهاً، قال السَمَوْأَلُ:
(نَخَافُ أَنْ تَسْفَهَ أَحْلاَمُنَا
فَنَخْمُلَ الدَّهْرَ مَعَ الْخَامِلِ)
﴿وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون﴾ قوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلى شَيَاطِينِهِمْ﴾ في شياطينهم قولان: أحدهما: أنهم اليهود، الذين يأمرونهم بالتكذيب، وهو قول ابن عباس. والثاني: رؤوسهم في الكفر، وهذا قول ابن مسعود. وفي قوله: ﴿إلى شَيَاطِينِهِمْ﴾ ثلاثة أوجه: أحدها: معناه مع شياطينهم، فجعل (إلى) موضع (مع)، كما قال تعالى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إلى اللهِ﴾ [آل عمران: ٥٢] أي مع الله. والثاني: وهو قول بعض البصريين: أنه يقال خلوت إلى فلان، إذا جعلته غايتك في حاجتك، وخلوت به يحتمل معنيين: أحدهما: هذا. والآخر: السخرية والاستهزاء منه فعلى هذا يكون قوله: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ﴾ أفصح، وهو على حقيقته مستعمل. والثالث: وهو قول بعض الكوفيين: أن معناه إذا انصرفوا إلى شياطينهم فيكون قوله: ﴿إلى﴾ مستعملاً في موضع لا يصح الكلام إلا به. فأما الشيطان ففي اشتقاقه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه فيعال من شطن، أي بَعُدَ، ومنه قولهم: نوى شطون (١٠٨) أي
الصفحة التالية