بعيدة، وشَطَنَتْ دارُه، أي بعدت، فسمي شيطاناً، إما لبعده عن الخير، وإما لبعد مذهبه في الشر، فعلى هذا النون أصلية. والقول الثاني: أنه مشتق من شاط يشيط، أي هلك يهلك كما قال الشاعر:
(.......................... وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أَرْمَاحِنَا البَطَلُ)
أي يهلك، فعلى هذا يكون النون فيه زائدة. والقول الفاصل: أنه فعلان من الشيط وهو الاحتراق، كأنه سُمِّي بما يؤول إليه حاله. ﴿قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ أي على ما أنتم عليه من التكذيب والعداوة، ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ أي ساخرون بما نظهره من التصديق والموافقة. قوله تعالى: ﴿اللهُ يَسْتَهْزئُ بِهِمْ﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: معناه أنه يحاربهم على استهزائهم، فسمي الجزاء باسم المجازى عليه، كما قال تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْه بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾، وليس الجزاء اعتداءً، قال عمرو بن كلثوم:

(أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينا)
والثاني: أن معناه أنه يجازيهم جزاء المستهزئين. والثالث: أنه لما كان ما أظهره من أحكام إسلامهم في الدنيا، خلاف ما أوجبه عليهم من عقاب الآخرة، وكانوا فيه اغترار به، صار كالاستهزاء [بهم].


الصفحة التالية
Icon