والثاني: يعرفون الكتاب الدال على صفته، وصدقه، وصحة نبوته، وهذا قول من زعم أن الكتاب هو القرآن. وعنى بقوله: ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾ تثبيتاً لصحة المعرفة. وحكى الكلبي والفراء: أن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام حين أسلم: ما هذه المعرفة التي تعرفون بها محمداً ﷺ كما تعرفون أبناءكم؟ قال: والله لأنا به إذا رأيته أعرف مني بابني وهو يلعب مع الصبيان، لأني لا أشك أنه محمد، وأشهد أنه حق، ولست أدري ما صنع النساء في الابن. ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أنهم خسروا بالكفر منازلهم وأزواجهم في الجنة، لأنه ليس أحد من مؤمن ولا كافر إلا وله منازل وأزواج، فإن أسلموا كانت لهم، وإن كفروا كانت لمن آمن من أهلهم، وهو معنى قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: ١١]، قاله الفراء. والثاني: معناه غبنوها فأهلكوها بالكفر والتكذيب، ومنه قول الأعشى:


{ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(لا يأخذ الرِّشْوَة في حُكْمِهِ ولا يُبالي خُسْرَ الخاسر)