قوله عز وجل: ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ﴾ أي تميل إليه قلوبهم، والإصغاء: الميل، قال الشاعر:

(ترى السفيه به عن كل محكمة زيغ وفيه إلى التشبيه إصغاء)
وتقدير الكلام، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ليغروهم ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقال قوم: بل هي لام أمر ومعناها الخبر. ﴿وَلِيَرْضَوْهُ﴾ لأن من مَالَ قلبه إلى شيء رضيه وإن لم يكن مرضياً. ﴿وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُمْ مُّقْتَرِفُونَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: وليكتسبوا من الشرك والمعاصي ما هم مكتسبون، قاله جويبر. والثاني: وليكذبوا على الله ورسوله ما هم كاذبون، وهو محتمل.
﴿أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم﴾ قوله عز وجل: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً﴾ فيه وجهان: أحدهما: معناه هل يجوز لأحد أن يعدل عن حكم الله حتى أعدل عنه. والثاني: هل يجوز لأحد أن يحكم مع الله حتى أحتكم إليه. والفرق بين الحَكَم والحَاكِم، أن الحَكَمَ هو الذي يكون أهلاً للحُكْم فلا يَحْكُمُ إلا بحق، والحَاكِمُ قد يكون من غير أهله فَيَحْكُمُ بغير حق، فصار الحَكَم من صفات ذاته، والحَاكِم من صفات فعله، فكان الحَكَم أبلغ في المدح من الحَاكِم.


الصفحة التالية
Icon