قوله عز وجل: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: كان ميتاً حين كان نطفة فأحييناه بنفخ الروح [فيه]، حكاه ابن بحر. والثاني: كان ميتاً بالكفر فأحييناه بالهداية إلى الإيمان، حكاه ابن عيسى. والثالث: كان ميتاً بالجهل فأحييناه بالعمل، أنشدني بعض أهل العلم ما يدل على صحة هذا التأويل لبعض شعراء البصرة.
(وفي الجهل قبل الموت لأهله | فأجسامهم قبل القبور قبور) |
(وإن امرءا لم يحيى بالعلم ميت | فليس له حتى النشور نشور) |
﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن النور القرآن، قاله الحسن. والثاني: انه العلم الذي يهدي إلى الرشد. والثالث: أنه حُسْنُ الإيمان. وقوله:
﴿يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: ينشر به ذكر دينه بين الناس في الدنيا حتى يصير كالماشي. والثاني: يهتدي به بين الناس إلى الجنة فيكون هو الماشي.
﴿كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾ فيه قولان: أحدهما: أن الظلمات الكفر. والثاني: الجهل، وشبهه بالظلمة لأن صاحبه في حيرة تفضي به إلى الهلكة كحيرة الماشي في الظلمة. واختلفوا في هذه الآية على قولين. أحدهما: أنها على العموم في كل مؤمن وكافر، قاله الحسن وغيره من أهل العلم. والثاني: أنها على الخصوص في مُعَيَّن. وفيمن تعين نزول ذلك فيه قولان: أحدهما: أن المؤمن عمر بن الخطاب، والكافر أبو جهل، قاله الضحاك. ومقاتل.