الموت، فَأُجِيْبَ بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم وهي النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين وهو أربعون سنة، قاله الكلبي. فإن قيل: فكيف قدر الله مدة أجله وفي ذلك إغواؤه بفعل المعاصي تعويلاً على التوبة في آخر الأجل؟ قيل: قد علم الله من حاله أنه لا يتوب من معصيته بما أوجبه من لعنته بقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَومِ الدَّينِ﴾ فجاز مع علمه بهذه أن يقدر له مدة أجله ولو كان كغيره ما قدرت له مدة أجله. فإن قيل: كيف أقدم إبليس على هذا السؤال مع معصيته؟ قيل: كما ينبسط الجاهل في سؤال ما لا يستحقه. فإن قيل: فكيف أجاب الله سؤاله مع معصيته؟ قيل: في إجابته دعاء أهل المعاصي قولان: أحدهما: لا تصح إجابتهم لأن إجابة الدعاء تكرمة للداعي وأهل المعاصي لا يستحقون الكرامة، فعلى هذا إنما أنظره الله تعالى وإن كان عقيب سؤاله ابتداء منه لا إجابه له. والثاني: أنه قد يجوز أن تجاب دعوة أهل المعاصي على وجه البلوى وتأكيد الحجة، فتكون إجابة المطيعين تكرمة، وإجابة العصاة بلوى. فإن قيل: فهل ينظر غير إبليس إلىالوقت الذي سأل وقد قال من المنظرين؟ قيل: نعم وهو من لم يقض الله تعالى عليه الموت من عباده الذين تقوم عليهم الساعة.
﴿قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين﴾ قوله عز وجل: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ اختلف أهل العربية في معنى قوله: ﴿فبما أغويتني﴾ على قولين: