وهذا وإن كان شعراً جاهلياً وحال الأعراف منقول عن خبر يروى فيحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون أمية قد وصل إلى علمه من الصحف الشرعية. والثاني: أن يكون الله قد انطق به أمية إلهاماً لتصديق ما جاء به القرآن. والثاني: أنهم ملائكة يُرَون في صور الرجال، قاله أبو مجلز. والثالث: أنهم قوم بطأت بهم صغائرهم إلى آخر الناس، قاله حذيفة. والرابع: أنه قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضى الله من أمرهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة، قاله ابن مسعود. والخامس: أنهم قوم قتلوا في سبيل الله وكانوا عصاة لآبائهم، قيل إنهم غزوا بغير إذنهم، وقد روى محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال: سُئل رسول الله ﷺ عن أصحاب الأعراف فقال: (هُمْ قَومٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَعْصِيةِ آبَائِهِمْ، فَمَنَعَهُمْ قَتْلُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَنِ النَّارِ ومنعهم مَعْصِيَةُ آبَائِهِم أَنْ يَدْخُلُواْ الجَنَّةَ) ومعنى قوله: ﴿يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾ يعني يعرفون أهل النار وأهل الجنة بعلامتهم التي يتميزون بها، وعلامتهم في وجوههم وأعينهم، قال الحسن البصري: علامة أهل النار سواد الوجوه وزرقة العيون، وعلامة أهل الجنة بياض الوجوه وحسن العيون. فإن قيل في أصحاب الأعراف: إنهم فضلاء المؤمنين كان ذلك زيادة في ثوابهم ومبالغة في كرامتهم لأنهم يرون منازلهم في الجنة فيستمتعون بها، ويرون عذاب النار فيفرحون بالخلاص منها.