قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ... ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: زعزعناه، قاله ابن قتيبة، ومنه قول العجاج:
(قد جرّبوا أخلاقنا الجلائلا..
ونتقوا أحلامنا الأثاقلا)
والثاني: بمعنى جذبناه، والنتق: الجذب ومنه قيل للمرأة الولود ناتق، قال النابغة:
(لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم
طفحت عليك بناتقٍ مذكار.)
واختلف في سبب تسميتها ناتقاً، فقيل لأن: خروج أولادها بمنزلة الجذب. وقيل: لأنها تجذب ماء الفحل تؤديه ولداً. والثالث: معناه ورفعناه عليهم من أصله. قال الفراء: رفع الجبل على عسكرهم فرسخاً في فرسخ. قال مجاهد: وسبب رفع الجبل عليهم أنهم أبوا أن يقبلوا فرائض التوراة لما فيها من المشقة، فوعظهم موسى فلم يقبلوا، فرفع الجبل فوقهم وقيل لهم: إن أخذتموه بجد واجتهاد وإلا ألقي عليكم. قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: فأخذوه بقوة ثم نكثوا بعد. واختلف في سبب رفع الجبل عليهم هل كان انتقاماً منهم أو إنعاماً عليهم؟ على قولين: أحدهما: أنه كان انتقاماً بالخوف الذي دخل عليهم. والثاني: كان إنعاماً لإقلاعهم به عن المعصية. ﴿... وَظّنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه غلب في نفوسهم انه واقع بهم على حقيقة الظن. والثاني: أنهم تيقنوه لما عاينوا من ارتفاعه عليهم، قاله الحسن.
الصفحة التالية