وقوله تعالى: ﴿أََمَنَةً مِّنْهُ﴾ يعني به الدعة وسكون النفس من الخوف وفيه وجهان: أحدهما: أمنة من العدو. الثاني: أمنة من الله سبحانه وتعالى. ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ﴾ لأن الله تعالى أنزل عليهم ماء السماء معونة لهم بثلاثة أمور: أحدها: الشرب وإن كانوا على ماء. الثاني: وهو أخص أحواله بهم في ذلك المكان وهو أن الرمل تلبد بالماء حتى أمكن المسلمين القتال عليه. والثالث: ما وصفه الله تعالى به من حال التطهير. وفي تطهيرهم به وجهان: أحدهما: من وساوس الشيطان التي ألقى بها في قلوبهم الرعب، قاله زيد بن أسلم. والثاني: من الأحداث والأنجاس التي نالتهم، قاله الجمهور. قال ابن عطاء: أنزل عليهم ماءً طهر به ظواهر أبدانهم، وأنزل عليهم رحمة نقّى بها سرائر قلوبهم. وإنما خصه الله تعالى بهذه الصفة لأمرين. أحدهما: أنها أخص صفاته. والثاني: أنها ألزم صفاته. ثم قال: ﴿وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشّيَطانِ﴾ فيه قولان: أحدهما: وسوسته أن المشركين قد غلبوهم على الماء، قاله ابن عباس. والثاني: كيده وهو قوله: ليس لكم بهؤلاء القوم طاقة، قاله ابن زيد. ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: ثقة بالنصر. والثاني: باستيلائهم على الماء.