ثم قال ﴿وَإن تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ﴾ لأن الاستنصار كان عليهم لا لهم. ﴿وَإن تَعُودُواْ نَعُدْ﴾ فيه وجهان: أحدهما: وإن تعودوا إلى مثل هذا التكذيب نعد إلى مثل هذا التصديق. والثاني: وإن تعودوا إلى مثل هذا الاستفتاح نعد إلى مثل هذا النصر. والقول الثاني: أنه خطاب للمؤمنين نصرهم الله تعالى يوم بدر حين استنصروه ﴿وَإن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ يعني عما فعلتموه في الأسرى والغنيمة. ﴿وإن تَعودوا نعد﴾ فيه وجهان: أحدهما: وإن تعودوا إلى الطمع نعد إلى المؤاخذة. الثاني: وإن تعودوا إلى مثل ما كان منكم في الأسرى والغنيمة نعد إلى الإنكار عليكم.
﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون﴾ قوله عز وجل: ﴿إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ أما الدواب فاسم لكل ما دب على الأرض من حيوانها لدبيبه عليها مشياً، وكان بالخيل أخص. والمراد بِشَرِّ الدواب الكفار لأنهم شر ما دبّ على الأرض من الحيوان. ثم قال: ﴿الصُّمُّ﴾ لأنهم لا يسمعون الوعظ. ﴿الْبُكْمُ﴾ والأبكم هو المخلوق أخرس، وإنما وصفهم بالبكم لأنهم لا يقرون بالله تعالى ولا بلوازم طاعته. ﴿الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: لا يعقلون عن الله تعالى أمره ونهيه. والثاني: لا يعتبرون اعتبار العقلاء. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في بني عبد الدار. قوله عز وجل: ﴿وَلَو عَلِمَ اللَّهُ فِيهِم خَيْراً﴾ يحتمل وجهين:


الصفحة التالية
Icon