والثالث: أنه على العموم في كل أمانة أن تؤدى ولا تخان. ﴿وَأَنتُم تَعْلَمُونَ﴾ فيه قولان: أحدهما: وأنتم تعلمون أنها أمانة من غير شبهة. والثاني: وأنتم تعلمون ما في الخيانة من المأثم بخلاف من جهل. قال الكلبي ومقاتل: نزلت هذه الآية في أبي لُبابَة بن عبد المنذر أرسله رسول الله ﷺ إلى بني قريظة لنزلوا على حكم سعد فاستشاروه وكان قد أحرز أولاده وأمواله عندهم فأشار عليهم أن لا يفعلوا وأومأ بيده إلى حلقة أنه الذبح فأنزل الله تعالى هذه الآية إلى قوله: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُم فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أن ما عند الله تعالى من الأجر خير من الأموال والأولاد. والثاني: أن ما عند الله تعالى من أجر الحسنة التي يجازي عليها بعشر أمثالها أكثر من عقوبة السيئة التي لا يجازي عليها إلا بمثلها.
﴿يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم﴾ قوله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ إِنَّ تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: معنى فرقاناً أي هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل، قاله ابن زيد وابن إسحاق. والثاني: يعني مخرجاً في الدنيا والآخرة، قاله مجاهد. والثالث: يعني نجاة، قاله السدي. والرابع: فتحاً ونصراً، قاله الفراء. ويحتمل خامساً: يفرق بينكم وبين الكافر في الآخرة.