الثاني: أن ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ أمان، وبراءة نزلت برفع الأمان، وهذا قول ابن عباس، ونزلت سنة تسع فأنفذها رسول الله ﷺ مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليقرأها في الموسم بعد توجه أبي بكر رضي الله عنه إلى الحج، وكان أبو بكر صاحب الموسم، وقال النبي ﷺ (لا يُبِلِّغُ عَنِّي إِلاَّ رَجُلٌ مِنِّي) حكى ذلك الحسن وقتادة ومجاهد. وحكى الكلبي أن الذي أنفذه رسول الله صلى لله عليه وسلم من سورة التوبة عشر آيات من أولها. حكى مقاتل أنها تسع آيات تقرأ في الموسم، فقرأها علي رضي الله عنه في يوم النحر على جمرة العقبة. وفي قوله تعالى ﴿بَرَآءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وجهان: أحدهما: أنها انقطاع العصمة منهما. والثاني: أنها انقضاء عهدهما. ثم قال تعالى ﴿فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ وهذا أمان. وفي قوله ﴿فَسِيُحواْ فِي الأَرْضِ﴾ وجهان: أحدهما: انصرفوا فيها إلى معايشكم. والثاني: سافروا فيها حيث أردتم. وفي السياحة وجهان: أحدهما: أنها السير على مهل. والثاني: أنها البعد على وجل. واختلفوا فيمن جعل له أمان هذه الأربعة الأشهر على أربعة أقاويل: أحدها: أن الله تعالى جعلها أجلاً لمن كان رسول الله ﷺ قد أمنه أقل من أربعة أشهر ولمن كان أجل أمانه غير محدود ثم هو بعد الأربعة حرب، فأما من لا أمان له فهو حرب، قاله ابن إٍسحاق.