قاله عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقد قال: أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة، وما فوقها كنز. والثالث: أن الكنز ما فضل من المال عن الحاجة إليه، روى عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزل قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ... ﴾ الآية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تبّاً لِلذَهَبِ وَالْفِضَّةِ) قال: فشق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ وقالوا: فأي المال نتخذ؟ فقال عمر ابن الخطاب: أنا أعلم لكم ذلك، فقال: يا رسول الله إن أصحابك قد شق عليهم وقالوا: فأي المال نتخذ؟ فقال: (لِسَاناً ذَاكِراً وَقَلْباً شَاكِراً وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى دِينِه). وروى قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة صدي بن عجلان قال: مات رجل من أهل الصفّة فوجد في مئزرة دينار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كَيَّةٌ) ثم مات آخر فوجد في مئزره ديناران فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كَيَّتَانِ) والكنز في اللغة هو كل شيء مجموع بعضه إلى بعض سواء كان ظاهراً على الأرض أو مدفوناً فيها، ومنه كنز البُرّ، قال الشاعر:

(لا دَرَّ دري إن أطعمت نازلهم قِرف الحتى وعندي البُرّ مكنوز)
الحتى: سَويق المقل. يعني وعندي البُرّ مجموع. فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ فذكر جنسين ثم قال ﴿وَلاَ يُنفِقُونَهَا﴾ والهاء كناية ترجع إلى جنس واحد، ولم يقل: وَلاَ يُنفِقُونَهَما لترجع الكناية إليهما.


الصفحة التالية
Icon