﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ﴾ أي أحد اثنين، وللعرب في هذ مذهب أن تقول خامس خمسة أي أحد خمسة. ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ يعني النبي ﷺ وأبا بكر حين خرجا من مكة دخلا غاراً في جبل ثور ليخفيا على من خرج من قريش في طلبهم. والغار عمق في الجبل يدخل إليه. قال مجاهد: مكث رسول الله ﷺ في الغار مع أبي بكر ثلاثاً. قال الحسن: جعل الله على باب الغار ثمامة وهي شجرة صغيرة، وقال غيره: ألهمت العنكبوت فنسجت على باب الغار. وذهب بعض المتعمقة في غوامض المعاني إلى أن قوله تعالى ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ أي في غيرة على ما كانوا يرونه من ظهور الكفر فغار على دين ربه. وهو خلاف ما عليه الجمهور. ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبهِ لاَ تَحْزَنْ﴾ يريد أن النبي ﷺ قال لصاحبة أبي بكر (لا تَحْزَنْ) فاحتمل قوله ذلك له وجهين: أحدهما: أن يكون تبشيراً لأبي بكر بالنصر من غير أن يظهر منه حزن. والثاني: أن يكون قد ظهر منه حزن فقال له ذلك تخفيفاً وتسلية. وليس الحزن خوفاً وإنما هو تألم القلب بما تخيله من ضعف الدين بعد الرسول فقال له النبي ﷺ (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) أي ناصرنا على أعدائنا. ﴿... فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ فيها قولان: أحدهما: على النبي ﷺ، قاله الزجاج. والثاني: على أبي بكر لأن الله قد أعلم نبيه بالنصر. وفي السكينة أربعة أقاويل: أحدها: أنها الرحمة، قاله ابن عباس. والثاني: أنها الطمأنينة، قاله الضحاك. والثالث: الوقار، قاله قتادة.