ثم قال تعالى: ﴿جَزَآءً بِمَا كَسَبا﴾ فاختلفوا هل يجب مع القطع غُرْم المسروق إذا استهلك على مذهبين: أحدهما: أنه لا غرم، وهذا قول أبي حنيفة. والثاني: يجب فيه الغرم، وهو مذهب الشافعي. وذكر الكلبي أن هذه الآية نزلت فى طعمة بن أبيرق سارق الدرع. قوله تعالى: ﴿فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ في التوبة ها هنا قولان: أحدهما: أنها كالتوبة من سائر المعاصي والندم على ما مضى والعزم على ترك المعاودة. والثاني: أنها الحد، وهو قول مجاهد. وقد روى عبد الله بن عمرو قال: سرقت امرأة حلياً فجاء الذين سرقتهم فقالوا: يا رسول الله سرقتنا هذه المرأة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقْطَعُوا يَدَهَا الْيُمْنَى) فقالت المرأة: هل لي من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَنْتِ الْيَوْمَ مِنْ خَطِيئَتِكِ كَيَوْمِ وَلَدَتْكِ أُمُّكِ) فأنزل الله تعالى: ﴿فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾. قوله تعالى: ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ويَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: يغفر لمن تاب من كفره، ويعذب من مات على كفره، وهذا قول الكلبي. الثاني: يعذب من يشاء فى الدنيا على معاصيهم بالقتل والخسف والمسخ والآلام وغير ذلك من صنوف عذابه، ويغفر لمن يشاء منهم فى الدنيا بالتوبة واستنقاذهم بها من الهلكة وخلاصهم من العقوبة.