والثاني: أن معناهما مختلف، فالجهد بالضم الطاقة، وبالفتح المشقة، قاله بعض الكوفيين. وقيل: كان ذلك في غزاة تبوك نزلت في عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي وأبي عقيل الأراشي وسبب ذلك أن رسول الله ﷺ حث على الصدقة ليتجهز للجهاد، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم وقال هذا شطر مالي صدقة، وجاء عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر وقال: إني آجرت نفسي بصاعين فذهبت بأحدهما إلى عيالي وجئت بالآخر صدقة، فقال قوم من المنافقين حضروه: أما عبد الرحمن وعاصم فما أعطيا إلا رياءً، وأما صاع أبي عقيل فالله غني عنه، فنزلت فيهم هذه الآية. ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أنهم أظهروا حمدهم واستبطنوا ذمهم. والثاني: أنهم نسبوا إلى الرياء وأعلنوا الاستهزاء. ﴿سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أنه ما أوجبه عليهم من جزاء الساخرين. والثاني: بما أمهلهم من المؤاخذة. قال ابن عباس: وكان هذا في الخروج إلى غزاة تبوك.
{استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن


الصفحة التالية
Icon