فقال يا رسول الله ما أردت إلا الحسنى، وهو كاذب، فصدقه، فبنى هؤلاء مسجد الشقاق والنفاق قريباً من مسجد قباء. ﴿ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني ضراراً، وكفراً بالله، وتفريقاً بين المؤمنين أن لا يجتمعوا كلهم في مسجد قباء فتجتمع كلمتهم، ويتفرقوا فتتفرق كلمتهم، ويختلفوا بعد ائتلافهم. ﴿وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ وفي الإرصاد وجهان: أحدهما: أنه انتظار سوء يتوقع. الثاني: الحفظ المقرون بفعل. وفي محاربة الله تعالى ورسوله وجهان: أحدهما: مخالفتهما. الثاني: عداوتهما. والمراد بهذا الخطاب أبو عامر الراهب والد حنظلة بن الراهب كان قد حزّب على رسول الله ﷺ، ثم خاف فهرب إلى الروم وتنصر واستنجد هرقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبنوا هذا المسجد له حتى إذا عاد من هرقل صلى فيه، وكانوا يعتقدون أنه إذا صلى فيه نُصِر، وكانوا ابتدأوا بنيانه ورسول الله ﷺ خارج إلى تبوك، فسألوه أن يصلي لهم فيه فقال: (أَنَا عَلَى سَفَرٍ وَلَو قَدِمْنَا إِن شَآءَ اللَّهُ أَتَينَاكُم وَصَلَّينَا لَكُم فِيهِ). فلما قدم من تبوك أتوه وقد فرغوا منه وصلوا فيه الجمعة والسبت والأحد، وقالوا قد فرغنا منه، فأتاه خبر المسجد وأنزل الله تعالى فيه ما أنزل. وحكى مقاتل أن الذي أمّهم فيه مجمع بن جارية وكان قارئاً، ثم حسن إٍسلامه بعد ذلك فبعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة يعلمهم القرآن، وهو علم ابن مسعود بقية القرآن. ﴿... وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى﴾ يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: طاعة الله تعالى. والثاني: الجنة.