أحدهما: أن التقوى اجتناب معاصيه، والرضوان فعل طاعته. الثاني: أن التقوى اتقاء عذابه، والرضوان طلب ثوابه. وكان عمر بن شبة يحمل قوله تعالى ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾ على مسجد المدينة، ويحتمل ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مَنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ﴾ على مسجد قباء، فيفرق بين المراد بهما في الموضعين. ﴿أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ﴾ يعني شفير جرف وهو حرف الوادي الذي لا يثبت عليه البناء لرخاوته وأكل الماء له ﴿هَارٍ﴾ يعني هائر، والهائر: الساقط. وهذا مثل ضربه الله تعالى لمسجد الضرار. ويحتمل المقصود بضرب هذا المثل وجهين: أحدهما: أنه لم يبق بناؤهم الذي أسس على غير طاعة الله حتى سقط كما يسقط ما بني على حرف الوادي. الثاني: أنه لم يخف ما أسرُّوه من بنائه حتى ظهر كما يظهر فساد ما بنى على حرف الوادي بالسقوط. ﴿فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنهم ببنيانهم له سقطوا في نار جهنم. الثاني: أن بقعة المسجد مع بنائها وبُناتها سقطت في نار جهنم، قاله قتادة والسدي. قال قتادة: ذكر لنا أنه حفرت منه بقعة فرئي فيها الدخان وقال جابر بن عبد الله: رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار حين انهار. قوله عزوجل ﴿لاَ يََزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ﴾ يعني مسجد الضرار. ﴿رِيبَةً فِي قُلُوبِهِم﴾ فيه قولان: أحدهما: أن الريبة فيها عند بنائه. الثاني: أن الريبة عند هدمه.


الصفحة التالية
Icon