عنه قال: سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ قال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبويه؟ فذكرته للنبي ﷺ، فنزلت ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءآمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾. قوله عز وجل ﴿وَمَا كَانَ استِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهآ إِيَّاهُ﴾ الآية. عذر الله تعالى إبراهيم عليه السلام في استغفاره لأبيه مع شركه لسالف موعده ورجاء إيمانه. وفي موعده الذي كان يستغفر له من أجله قولان: أحدهما: أن أباه وعده أنه إن استغفر له آمن. والثاني: أن إبراهيم وعد أباه أن يستغفر له لما كان يرجوه أنه يؤمن. ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ﴾ وذلك بموته على شركه وإياسه من إيمانه ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ أي من أفعاله ومن استغفاره له، فلم يستغفر له بعد موته. ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ فيه عشرة تأويلات: أحدها: أن الأوّاه: الدعَّاء، أي الذي يكثر الدعاء، قاله ابن مسعود. الثاني: أنه الرحيم، قاله الحسن. الثالث: أنه الموقن، قاله عكرمة وعطاء. الرابع: أنه المؤمن، بلغة الحبشة، قاله ابن عباس. الخامس: أنه المسبِّح، قاله سعيد بن المسيب. السادس: أنه الذي يكثر تلاوة القرآن، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً. السابع: أنه المتأوّه، قاله أبو ذر. الثامن: أنه الفقيه، قاله مجاهد. التاسع: أنه المتضرع الخاشع، رواه عبد الله بن شداد بن الهاد عن النبي صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon