ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أنه وعدهم إياه فكان وَعْدُه وعْد صدق. ﴿وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ يعني وأحللنا لهم من الخيرات الطيبة. ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَآءَهُمُ العِلْمُ﴾ يعني أن بني إسرائيل ما اختلفوا أن محمداً نبي. ﴿حَتَّى جَآءَهُمُ الْعِلْمُ﴾ وفيه وجهان: أحدهما: حتى جاءهم محمد ﷺ الذي كانوا يعلمون أنه نبي، وتقديره حتى جاءهم المعلوم، قاله ابن بحر وابن جرير الطبري. والثاني: حتى جاءهم القرآن، قاله ابن زيد.
﴿فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم﴾ قوله عز وجل: ﴿فَإن كُنتَ في شَكٍّ مِّمَّآ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ﴾ هذا خطاب من الله لنبيه يقول: إن كنت يا محمد في شك مما أنزلنا إليك، وفيه وجهان: أحدهما: في شك أنك رسول. الثاني: في شك أنك مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل. ﴿فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكَتَابَ مِن قَبْلِكَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه أراد مَنْ منهم مثل عبد الله بن سلام وكعب الأحبار، قاله ابن زيد. الثاني: أنه عنى أهل الصدق والتقوى منهم، قاله الضحاك. فإن قيل: فهل كان النبي ﷺ شاكاً؟ قيل قد روي عن النبي ﷺ أنه قال: (لاَ أَشُكُ وَلاَ أَسْأَلُ)