وفي إعلامهم إبراهيم بذلك وجهان: أحدهما: ليزول خوفه منهم. والثاني: لأن إبراهيم قد كان يأتي قوم لوط فيقول: ويحكم أينهاكم عن الله أن تتعرضوا لعقوبته فلا يطيعونه. ﴿وَامْرأَتُهُ قَائِمَتٌ فَضَحِكَتْ﴾ وفي قيامها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها كانت قائمة من وراء الستر تسمع كلامهم، قاله وهب. الثاني: أنها كانت قائمة تخدمهم، قاله مجاهد. الثالث: أنها كانت قائمة تُصَلّي، قاله محمد بن إسحاق. ﴿فَضَحِكَتْ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني حاضت، قاله مجاهد والعرب تقول ضحكت المرأة إذا حاضت، والضحك الحيض في كلامهم، قال الشاعر:

(وضحك الأرانب فوق الصفا كمثل دم الخوف يوم اللّقا)
والثاني: أن معنى ضحكت: تعجبت، وقد يسمى التعجب ضحكاً لحدوث الضحك عنه، ومنه قول أبي ذؤيب.
(فجاء بمزجٍ لم ير الناس مثله هو الضحك إلاّ انه عمل النحل)
الثالث: أنه الضحك المعروف في الوجه، وهو قول الجمهور. فإن حمل تأويله على الحيض ففي سبب حيضها وجهان: أحدهما: أنه وافق وقت عاتها فخافت ظهور دمها وأرادت شداده فتحيرت مع حضور الرسل. والقول الثاني: ذعرت وخافت فتعجل حيضها قبل وقته، وقد تتغير عادة الحيض باختلاف الأحوال وتغير الطباع. ويحتمل قولاً ثالثاً: أن يكون الحيض بشيراً بالولادة لأن من لم تحض لا تلد. وإن حمل تأويله على التعجب ففيما تعجب منه أربعة أقاويل:


الصفحة التالية
Icon