الثاني: أنهم كافأُوها بالبشرى مقابلة على استعظام خدمتها. الثالث: لأن النساء في البشرى بالولد أعظم سروراً وأكثر فرحاً. قال ابن عباس: سمي إسحاق لأن سارة سحقت بالضحك حين بشرت به. قوله عز وجل: ﴿قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوزٌ وهذا بَعْلي شيخا﴾ لم تقصد بقولها يا ويلتا الدعاء على نفسها بالويل ولكنها كلمة تخفُّ على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يعجبن منه، وعجبت من ولادتها وهي عجوز وكون بعلها شيخاً لخروجه عن العادة، وما خرج عن العادة مستغرب ومستنكر. واختلف في سنها وسن إبراهيم حينئذ، فقال مجاهد: كان لسارة تسع وتسعون سنة وكان لإبراهيم مائة سنة. وقال محمد بن إسحاق: كانت سارة بنت تسعين سنة وكان إبراهيم ابن مائة وعشرين سنة. وقال قتادة: كان كل واحد منهما ابن تسعين سنة. وقيل انها عرّضت بقولها ﴿وهذا بعلي شيخاً﴾ عن ترك غشيانه لها، والبعل هو الزوج في هذا الموضع، ومنه قوله تعالى ﴿وبعولتهن أحق بردّهن في ذلك﴾ [البقرة: ٢٢٨]. والبعل: المعبود، ومنه قوله تعالى ﴿أتدعون بعلاً﴾ [الصافات: ١٢٥] أي اليها معبوداً. والبعل السيد، ومنه قول لبيد.
(حاسري الديباج عن أذرعهم | عند بعل حازم الرأي بَطل) |
﴿فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود﴾