قوله عز وجل: ﴿فلما ذهب عن إبراهيم الرّوع﴾ يعني الفزع، والرُّوع بضم الراء النفس، ومنه قولهم ألقى في رُوعي أي في نفْسي. ﴿وجاءتْهُ البشرى﴾ أي بإسحاق ويعقوب. ﴿يجادلنا في قوم لوط﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه جادل الملائكة بقوله ﴿إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينة وأهله﴾ [العنكبوت: ٣٢] قاله الحسن. الثاني: أنه سألهم أتعذبونهم إن كان فيها خمسون من المؤمنين؟ قالوا لا، قال: فإن كان فيها أربعون؟ قالوا: لا، إلى أن أنزلهم إلى عشرة، فقالوا: لا، قاله قتادة. الثالث: أنه سألهم عن عذابهم هل هو عذاب الاستئصال فيقع بهم لا محالة على سبيل التخويف ليؤمنوا، فكان هذا هو جداله لهم وإن كان سؤالاً لأنه خرج مخرج الكشف عن أمر غامض. قال أبو مالك: ولم يؤمن بلوط إلا ابنتاه رقية وهي الكبرى وعروبة وهي الصغرى.
﴿ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد﴾ قوله عز وجل: ﴿ولما جاءَت رُسُلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذراعاً﴾ قال ابن عباس: ساء ظنه بقومه وضاق ذرعاً بأضيافه. ويحتمل وجهاً آخر أنه ساء ظنه برسل ربه، وضاق ذراعاً بخلاص نفسه لأنه نكرهم قبل معرفتهم. ﴿وقال هذا يومٌ عصيب﴾ أي شديد لأنه خاف على الرسل من قومه أن يفضحوهم على قول ابن عباس، وعلى الاحتمال الذي ذكرته خافهم على نفسه فوصف يومه بالعصيب وهو الشديد، قال الشاعر:


الصفحة التالية
Icon