الثاني: معذب ومكرم، قال لبيد.

(فمنهم سعيد آخذٌ بنصيبه ومنهم شقي بالمعيشة قانعُ)
ثم في الشقاء والسعادة قولان: أحدهما: أن الله تعالى جعل ذلك جزاء على عملهما فأسعد المطيع وأشقى العاصي، قاله ابن بحر. الثاني: أن الله ابتدأهما بالشقاوة والسعادة من غير جزاء. وروى عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: لما نزلت ﴿فمنهم شقي وسعيد﴾ قلت: يا رسول الله فعلام نعمل؟ أعلى شيء قد فرغ منه أم على ما لم يفرغ منه؟ فقال: (بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر، وجرت به الأقلام ولكن كل شيء ميسور لما خلق له).
﴿فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد﴾ قوله عز وجل: ﴿فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أن الزفير الصوت الشديد، والشهيق الصوت الضعيف، قاله ابن عباس. الثاني: أن الزفير في الحلق من شدة الحزن، مأخوذ من الزفير، والشهيق في الصدر، قاله الربيع بن أنس. الثالث: أن الزفير تردد النفس من شدة الحزن، مأخوذ من الزفر وهو الحمل على الظهر الشدته، والشهيق النفس الطويل الممتد، مأخوذ من قولهم جبل شاهق أي طويل، قاله ابن عيسى. الرابع: أن الزفير أول نهيق الحمار، والشهيق آخر نهيقه، قال الشاعر:


الصفحة التالية
Icon