وفي قوله: ﴿مِّنَ الصَّيْدِ﴾ قولان: أحدهما: أن ﴿مِّنَ﴾ للتبعيض في هذا الموضع لأن الحكم متعلق بصيد البَرِّ دون البحر، وبصيد الحرم والإِحرام دون الحل والإِحلال. والثاني: أن ﴿مِّنَ﴾ في هذا الموضع داخلة لبيان الجنس نحو قوله تعالى: ﴿اجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ﴾ [الحج: ٣٠] قاله الزجاج. ﴿تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: ما تناله أيدينا: البيض، ورماحنا: الصيد، قال مجاهد. والثاني: ما تناله أيدينا: الصغار، ورماحنا: الكبار، قاله ابن عباس. ﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أن معنى ليعلم الله: ليرى، فعبر عن الرؤية بالعلم لأنها تؤول إليه، قاله الكلبي. والثاني: ليعلم أولياؤه من يخافه بالغيب. والثالث: لتعلموا أن الله يعلم من يخافه بالغيب. والرابع: معناه لتخافوا الله بالغيب، والعلم مجاز، وقوله: ﴿بِالْغَيْبِ﴾ يعني بالسر كما تخافونه في العلانية. ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ يعني فمن اعتدى في الصيد بعد ورود النهي. ﴿فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي مؤلم، قال الكلبي: نزلت يوم الحديبية وقد غشي الصيد الناس وهم محرمون. قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني الإِحرام بحج أو عمرة، قاله الأكثرون. والثاني: يعني بالحرم الداخل إلى الحرم، يقال أحرم إذا دخل في الحرم، وأَتْهَمَ إذا دخل تهامة، وأَنْجَدَ إذا دخل نجد، ويقال أحرم لمن دخل في الأشهر الحرم. قاله بعض البصريين.