أحدها: قوم عيسى سألوه المائدة، ثم كفروا بها، قاله ابن عباس. والثاني: أنهم قوم صالح سألوا الناقة، ثم عقروها وكفروا به. والثالث: أنهم قريش سألوا رسول الله ﷺ أن يحوِّل لهم الصفا ذهباً، قاله السدي. والرابع: أنهم القوم الذين سألوا رسول الله ﷺ مَنْ أبي؟ ونحوه، فلما أخبرهم به أنكروه وكفروا به، قاله بعض المتأخرين.
﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون﴾ قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ﴾ يعني ما بحر الله من بحيرة، ولا سيب سائبة، ولا وصل وصيلة، ولا حمى حامياً. روى أبو صالح عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول لأكثم ابن جون: (يَا أَكْثَمُ رَأَيْتُ عَمْرو بْنَ لُحَيِّ بْنَ قَمْعَةَ بْنَ خَنْدَف يَجُرُّ قَصَبَهُ فِي النَّارِ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَشْبَهَ بِرَجُلٍ مِنْكَ بِهِ، وَلاَ بِهِ مِنْكَ) فقال أكثم: أخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله، فقال: (لاَ إِنَّكَ مُؤْمِنٌ، وَهُوَ كَافِرٌ، إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ، وَبَحَرَ البَحِيرَةَ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ، وحَمَى الحَامِي). ومعنى قوله يجر قصبه في النار، يعني أمعاءه، والبحيرة: الفصلة من قول القائل، بحرت أذن الناقة إذا شقها، ومنه قول الأبيرد:
(وأمسى فيكم عمران يمشي...... كأنه جمل بحير)