﴿له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال﴾ قوله عز وجل ﴿له دعوة الحق﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن دعوة الحق لا إله إلا الله، قاله ابن عباس. الثاني: أنه الله تعالى هو الحق، فدعاؤه دعوة الحق. الثالث: أن الإخلاص في الدعاء هي دعوة الحق، قاله بعض المتأخرين. ويحتمل قولاً رابعاً: أن دعوة الحق دعاؤه عند الخوف لأنه لا يدعى فيه إلا إياه، كما قال تعالى ﴿ضلّ من تدعون إلا إياه﴾ [الإسراء: ٦٧] هو أشبه بسياق الآية لأنه قال: ﴿والذين يدعون مِن دونه﴾ يعني الأصنام والأوثان. ﴿لا يستجيبون لهم بشيء﴾ أي لا يجيبون لهم دعاءً ولا يسمعون لهم نداء. ﴿إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه﴾ ضرب الله عز وجل الماء مثلاً لإياسهم من إجابة دعائهم لأن العرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلاً بالقابض الماء باليد، كما قال أبو الهذيل:
(فأصبحتُ مما كان بيني وبينها | مِن الود مثل القابض الماء باليد) |